الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: أيسر التفاسير لأسعد حومد
.تفسير الآية رقم (4): {مُّتَجَاوِرَاتٌ} {وَجَنَّاتٌ} {أَعْنَابٍ} {وَاحِدٍ} {لآيَاتٍ} (4)- وَفِي الأَرْضِ قِطَعٌ مِنَ الأَرْضِ يُجَاوِزُ بَعْضُهَا بَعْضاً، وَلَكِنَّها تَخْتَلِفُ، وَتَتَفَاضَلُ فِيمَا بَيْنَهَا مَعَ تَجَاوُرِها، فَهَذِهِ قِطْعَةُ أَرْضٍ طَيِّبَةٍ، تَنْبِتُ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ، وَتِلَكَ سَبْخَةٌ مِلْحٌ، لا تُنْبِتُ شَيْئاً، وَهَذِهِ مُحْجِرَةٌ وَتِلَكَ سَهْلَةٌ.. إِلَخ وَكُلُّها مُتَجَاوِرَاتٌ، وَهَذا كُلُّهُ يَدُلُّ عَلَى الخَالِقِ المُبْدِعِ. وَفِي الأَرْضِ مَزَارِعُ وَبَسَاتِينُ (جَنَاتٌ) مِنْ أَشْجَارِ النَّخِيلِ، وَالعِنَبِ، وَالزُّرُوعِ، مِنْهَا مَا تَجْتَمِعُ أُصُولُهُ فِي مَنْبَتٍ وَاحِدٍ وَتَتَشَعَّبُ فُرُوعُهُ، كَالتِّينِ وَالرُّمَّانِ (صِنْوانٌ) وَمِنْهَا مَا كَانَ عَلَى أَصْلٍ وَاحِدٍ كَسَائِرِ الأَشْجَارِ (غَيْرُ صِنْوَانٍ)، وَتُسْقَى هَذِهِ الأَشْجَارُ وَالزُّرُوعُ فِي مَنَابِتِهَا بِمَاءْ وَاحِدٍ، وَتَقُومُ فِي أَرْضٍ وَاحِدَةٍ، وَمَعَ ذَلكَ يُفَضِّلُ اللهُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الشَّكْلِ، وَفِي الطَّعْمِ، وَالمَذَاقِ، وَالرَّائِحَةِ.. وَهَذا دَلِيلٌ عَلَى عَظَمَةِ اللهِ الخَالِقِ وَوُجُودِهِ، وَوَحْدَانِيَّتِهِ، لِمَنْ يَتَفَكَّرُونَ وَيَعْقِلُونَ. قِطَعٌ- بِقَاعٌ مُخْتَلِفَةُ الطِّبَاعِ وَالصِّفَاتِ. نَخِيلٌ صِنْوانٌ- نَخْلاتٌ يَجْمَعُهَا أَصْلٌ وَاحِدٌ. الأُكُلِ- مَا يُؤْكَلُ وَهُوَ الثَّمَرَاتُ وَالحُبُوبُ. .تفسير الآية رقم (5): {أَإِذَا} {تُرَاباً} {أَإِنَّا} {أولئك} {الأغلال} {أَصْحَابُ} {خَالِدونَ} (5)- وَإِنْ تَعْجَبْ مِنْ عِبَادَةِ هَؤُلاءِ المُشْرِكِينَ مَا لا يَضُرُّ وَلا يَنْفَعُ مِنَ الأَصْنَامِ وَالأَوْثَانِ، بَعْدَ أَنْ قَامَتِ الحُجَّةُ وَالأَدِلَّةُ عَلَى وُجُودِ الخَالِقِ، وَوَحْدَانِيَّتِهِ، وَعَظَمَتِهِ، فَأَعْجَبُ مِنْهُ تَكْذِيبُهُمْ بِالبَعْثِ وَالنُّشُورِ، وَاسْتِبْعَادُهُمْ وُقُوعَهُ، وَقَوْلُهُمْ: أَبَعْدَ أَنْ نَمُوتَ، وَتُصْبِحَ عِظَامُنَا رُفَاتاً وَتُرَاباً، هَلْ سُيُعِيدُنَا اللهُ إِلَى الحَيَاةِ مَرَّةً أُخْرَى، وَيَخْلُقُنَا خَلْقاً جَدِيداً؟ مَعَ أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّ إِعَادَةَ الشَّيءِ أَسْهَلُ مِنِ ابْتِدَائِهِ، وَأَنَّ خَلْقَ الكَوْنِ العَظِيمِ أَصْعَبُ مِنْ خَلْقِ الإِنْسَانِ. فَهَؤُلاءِ الذِينَ يَقُولُونَ هَذا القَوْلَ إِنْكَاراً لِلْبَعْثِ وَالمَعَادِ، هُمُ الذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ، وَأُولَئِكَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ يُسْحَبُونَ فِيهَا عَلَى وُجُوهِهِمْ، وَالسَّلاسِلُ وَالأَغْلالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ، وَيَبْقَوْنَ فِي النَّارِ خَالِدِينَ أَبَداً. الأَغْلالُ- الأَطْوَاقُ مِنَ الحَدِيدِ. .تفسير الآية رقم (6): {المثلات} (6)- وَهؤلاءِ الذِينَ يُكَذِّبُونَ بِالحَشْرِ وَالمَعَادِ، يَسْتَعْجِلُونَكَ بِأَنْ تُنْزِلَ عَلَيْهِمْ العَذَابَ الذِي هُدِّدوا بِهِ إِذا مَا أَصَرُّوا عَلَى كُفْرِهِمْ وَتَكْذِيبِهِمْ، وَهُمْ يُبَادِرُونَ إِلَى هَذَا التَّكْذِيبِ وَالاسْتِهْزَاءِ بِالعُقُوبَةِ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلُوا الثَّوَابَ وَالحَسَنَةَ وَالسَّلامَةَ مِنَ العُقُوبَةِ، مَعْ أَنَّ كَثِيراً مِنَ الأَمْثِلَةِ سَبَقَتْ عَلَى إِنْزَالِ اللهِ تَعَالَى العَذَابَ وَالعِقَابَ بِالأُمَمِ الخَالِيَةِ، التِي كَذَّبَتْ رُسُلَهَا، وَاسْتَهْزَأَتْ بِهِمْ، وَجَعَلَهُ إِيَّاهُمْ عِظَةً لِمَنِ اتَّعَظَ بِهِمْ. وَلَوْلا حِلْمُ اللهِ تَعَالَى وَعَفْوُهُ لَعَاجَلَهُمْ بِالعُقُوةَ حَالَ اجْتِرَاحِهِمْ الذُّنُوبَ، وَاكْتِسَابِهِم المَعَاصِيَ، وَلَكِنَّهُ تَعَالَى يَغْفِرُ لِلنَّاسِ ذُنُوبَهُمْ وَتَجَاوُزَهُم إِذَا تَابُوا إِلَيْهِ وَأَصْلَحُوا، وَهُوَ شَدِيدُ العِقَابِ لِمَنْ أَصَرَّ عَلَى كُفْرِهِ وَعِنَادِهِ وَتَمَادَى فِي غَيِّهِ. (وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعِدُهُمْ بِأَنَّهُمْ إِذَا آمَنُوا، وَأَقْلَعُوا عَنْ كُفْرِهِمْ وَعِصْيَانِهِمْ وَسُخْرِيَتِهِمْ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ، فَإِنَّ اللهَ سَيُكَفِّرُ سَيِّئَاتِهِمْ، وَسَيُدْخِلُهُمْ جَنّاتِ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ). المَثُلاتُ- العُقُوبَاتُ الفَاضِحَاتُ لأَمْثَالِهِمْ. مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ- سِتْرٍ وَإِمْهَالٍ. .تفسير الآية رقم (7): {آيَةٌ} (7)- وََيَقُولُ المُشْرِكُونَ كُفْراً وَعِنَاداً: لَوْ أَنَّ مُحَمَّداً يَأْتِينَا بِمُعْجِزَةٍ مِنْ رَبِّهِ (آيَةٌ)، مِثْلِ الآيَاتِ التِي جَاءَ بِهَا الأَنْبِيَاءُ السَّابِقُونَ (وَقَدْ طَلَبُوا مِنْ مُحَمَّدٍ أَنْ يَجْعَلَ لَهُم الصَّفَا ذَهَباً. وَطَلَبُوا مِنْهُ أَنْ يُزِيحَ عَنْهُمْ جِبَالَ مَكَّةَ وَيَجْعَلَ مَكَانَهَا مُرُوجاً وَأَنْهَاراً...). وَقَدْ رَدَّ اللهُ تَعَالَىعَلَيْهِمْ قَائِلاً: إِنَّ مَهَمَّةَ النَّبِيِّ هِيَ تَبْلِيغِ رِسَالَةِ اللهِ إِلَى النَّاسِ، وَالإِنْذَارِ بِالعُقُوبَةِ وَالعَذَابِ، وَلِكُلِّ قَوْمٍ رَجُلٌ مِنْهُمْ يَدْعُوهُمْ إِلَى الهُدَى وَالإِيمَانِ بِاللهِ، وَقَدْ فَطَرَهُ اللهُ تَعَالَىعَلَى طَرِيقِ الهُدَى. وَهَذا الهَادِي إِمَّا أَنْ يَكُونَ نَبِيّاً أَوْ حَكِيماً أَوْ مُجْتَهِداً يَسِيرُ عَلَى سُنَنِ النَّبِيِّ وَيَقْتَفِي خُطَاهُ. .تفسير الآية رقم (8): (8)- يُخْبِرُ اللهُ تَعَالَى عَنْ تَمَامِ عِلْمِهِ الذِي لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيءٌ، فَإِنَّهُ مُحِيطٌ بِمَا تَحْمِلُهُ الحَوَامِلُ مِنْ إِنَاثِ جَمِيعِ المَخْلُوقَاتِ. وَيَعْلَمُ مَا تُنْقِصُهُ الأَرْحَامُ (تَغِيضُهُ) وَمَا تَزْدَادُهُ مِنْ عَدَدٍ فِي الوَلَدِ (فَقَدْ يَكُونُ وَاحِداً أَوْ أَكْثَرَ) وَقَدْ يَكُونُ تَامّاً فِي الخَلْقِ، أَوْ نَاقِصاً فِيهِ، وَقَدْ يَكُونُ ذَكَراً أَوْ أُنْثَى، وَشَقِيّاً أَوْ سَعِيداً، وَحَسَناً أَوْ قَبِيحاً... وَمَا سَيَكُونُ عَلَيْهِ حَالُ الجَنِينِ فِي حَيَاتِهِ، وَكُلُّ شَيءٍ عِنْدَ اللهِ بِأَجَلٍ وَتَقْدِيرٍ. لَقَدْ حَفِظَ اللهُ آجَالَ جَمِيعِ المَخْلُوقَاتِ، وَقَدَّرَ أَرْزَاقَهُمْ، وَجَعَلَ لُكِلِّ ذَلِكَ أَجَلاً مَعْلُوماً، وَمِقْدَاراً مَقْسُوماً. مَا تَغِيضُ الأَرْحَامُ- مَا تُسْقِطُهُ أَوْ تُنْقِصُهُ. بِمِقْدَارٍ- بِقَدَرٍ وَاحِدٍ لا يَتَعَدَّاهُ. .تفسير الآية رقم (9): {عَالِمُ} {الشهادة} (9)- يَعْلَمُ اللهُ تَعَالَى كُلَّ شَيءٍ مِمَّا يُشَاهِدُهُ العِبَادُ، وَمِمَّا يَغِيبُ عَنْهُمْ مِنْ عَوَالِمٍ لا نِهَايَةَ لَهَا، وَلا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيءٌ مِنْهُ، وَهُوَ الكَبِيرُ المُتَعَالِي عَلَى كُلِّ شَيءٍ، وَقَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيءٍ عِلْماً. الكَبِيرُ- العَظِيمُ الذِي كُلُّ شَيءٍ دُونَهُ. المُتَعَالِ- المُسْتَعْلِي عَلَى كُلِّ شَيءٍ بِقُدْرَتِهِ. .تفسير الآية رقم (10): {بالليل} (10)- وَسَواءٌ عِنْدَ اللهِ مَنْ أَسَرَّ قَوْلَهُ وَلَمْ يَتَلَفَّظْ بِهِ، أَوْ جَهَرَ بِهِ وَأَعْلَنَهُ، فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يَعْلَمُهُ جَمِيعاً وَيَسْمَعُهُ، لا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُ شَيءٌ؛ وَسَواءٌ عِنْدَهُ مَنِ اسْتَخْفَى فِي بَيْتِهِ فِي ظَلامِ اللَّيْلِ، وَمَنْ ظَهَرَ وَسَارَ فِي النَّهَارِ (سَارِبٌ بِالنَّهَارِ)، فَإِنَّهُمَا فِي عِلْمِ اللهِ عَلَى السَّوَاءِ. سَارِبٌ- ذَاهِبٌ فِي سِرْبِهِ وَطَرِيقِهِ، ظَاهِراً. .تفسير الآية رقم (11): {مُعَقِّبَاتٌ} (11)- لِلْعَبْدِ مَلائِكَةٌ يَتَعَاقَبُونَ عَلَى مُرَاقَبَتِهِ وَحِرَاسَتِهِ، وَيَحْفَظُونَهُ مِنَ المَضَارِّ فِي نَوْمِهِ، وَفِي حَالِ يَقَظَتِهِ، بِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى وَإِذْنِهِ، فَلا يَصِلُ إِلَيْهِ شَيءٌ إِلا إِذَا كَانَ قَدْ قَدَّرَهُ اللهُ لَهُ، وَإِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَومٍ، مِنْ خَيْرٍ إِلَى سُوءٍ، إِلا إِذَا غَيَّرُوا مَا هُمْ عَلَيهِ، وَلا يُغَيِّرُ اللهُ مَا بِقَوْمٍ مِنْ سُوءٍ إِلَى خَيْرٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بَأَنْفُسِهِمْ. (وَرُوِيَ: أَنَّهُ أُوحِيَ إِلَى نَبِيٍّ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ قُلْ لِقَوْمِكَ: إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ قَرْيَةٍ، وَلا أَهْلِ بَيْتٍ يَكُونُونَ عَلَى طَاعَةِ اللهِ، فَيَتَحَوَّلُونَ مِنْهَا إِلى مَعْصِيَتِهِ، إِلا حَوَّلَ اللهُ عَنْهُمْ مَا يُحِبُّونَ إِلَى مَا يَكْرَهُونَ). وَإِذَا أَرَادَ اللهُ تَعَالَى أَنْ يُصِيبَ قَوْماً بِشَرٍّ عِقَاباً لَهُمْ، فَلا رَادَّ لإِرَادَتِهِ وَقَضَائِهِ، وَلَيْسَ لَهُمْ وَلِيٌّ يَنْصُرُهُمْ مِنْ دُوْنِ اللهِ، أَوْ يَرُدُّ قَضَاءَ اللهِ عَنْهُمْ. لَهُ مُعَقِباتٌ- لَهُ مَلائِكَةٌ تَعْتَقِبُ فِي حِفْظِهِ. مِنْ أَمْرِ اللهِ- بِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى وَبِحِفْظِهِ. مِنْ وَالٍ- مِنْ نَاصِرٍ أَوْ وَالٍ يَلِي أُمُورَهُمْ. .تفسير الآية رقم (12): (12)- وَقُدْرَةُ اللهِ تَعَالَى فِي الكَوْنِ ظَاهِرَةٌ بَارِزَةٌ لِلْعَيَانِ، فَهُوَ الذِي يُسَخِّرُ البَرْقَ الذِي يَخَافُ ضَرَرَهُ المُسَافِرُ، وَمَنْ يَتَضَرَّرُونَ مِنَ المَطَرِ وَالصَّوَاعِقِ، وَيَطْمَعُ فِيهِ بَعْضُ خَلْقِ اللهِ، كَالمُقِيمِ وَصَاحِبِ الزُّرُوعِ وَالمَاشِيَةِ، رَجَاءَ أَنْ يَهْطِلَ المَطَرُ فَيَسْقُوا حَرْثَهُمْ وَضَرْعَهُمْ. وَهُوَ تَعَالَى الذِي يَخْلُقُ خَلْقاً مُبْتدأً (يُنْشِيءُ) السَّحَابَ المُثْقَلَ بِالمَاءِ لِيُنْزِلَهُ مَطَراً حَيْثُ يَشَاءُ. السَّحَابَ الثِّقَالَ- المُوقَرَةَ بِالمَاءِ المُثْقَلَةَ بِهِ. .تفسير الآية رقم (13): {والملائكة} {الصواعق} {يُجَادِلُونَ} (13)- يَقُولُ تَعَالَى: كُلُّ شَيءٍ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ تَعَالَى، وَصَوْتُ الرَّعْدِ دَلالَةٌ عَلَى خُضُوعِهِ للهِ، وَتَنْزِيهِهِ إِيَّاهُ عَنِ الشَّرِيكِ وَعَنِ العَجْزِ، كَمَا يَدُلُّ صَوْتُ المُسَبِّحِ عَلَى انْقِيَادِهِ لِقُدْرَةِ اللهِ. وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَمِعَ صَوْتَ الرَّعْدِ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ لا تَقْتُلْنَا بِغَضَبِكَ، وَلا تُهْلِكْنَا بِعَذَابِكَ، وَعَافِنَا قَبْلَ ذَلِكَ». أَخْرَجَهُ البُخَارِي. وَتُسَبِّحُ المَلائِكَةُ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ، وَيُرْسِلُ اللهُ الصَّوَاعِقَ نَقْمَةً، يَنْتَقِمُ بِهَا مِمَّنْ يَشَاءُ. وَيَشُكُّ هَؤُلاءِ الكُفَّارُ فِي عَظَمَةِ اللهِ، وَفِي أَنَّهُ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ (يُجَادِلُونَ فِي اللهِ)، وَهُوَ تَعَالَى شَدِيدُ الأَخْذِ، شَدِيدُ القُوَّةِ، لا يُغَالَبُ وَلا يُعَانَدُ. شَدِيدُ المِحَالِ- المُكَايَدَةِ أَوِ القُوَّةِ أَوِ العُقُوبَةِ. .تفسير الآية رقم (14): {كَبَاسِطِ} {بِبَالِغِهِ} {الكافرين} {ضَلالٍ} (14)- وَللهِ تَعَالَى دَعْوَةُ التَّوْحِيدِ لا إِلهَ إِلا هُوَ إِلَيْهِ يُوَجَّهُ الدُّعَاءُ وَالتَّضَرُّعُ (دَعْوَةُ الحَقِّ)، وَالأَصْنَامِ التِي يَدْعُوهَا هَؤُلاءِ المُشْرِكُونَ، وَيَعْبُدُونَهَا، وَيَتَضَرَّعُونَ إِلَيْهَا، لا تُجِيبُهُمْ بِشَيءٍ مِمَّا يُرِيدُونَ، مِنْ نَفْعٍ أَوْ ضَرٍّ، إِلا كَمَا يُجِيبُ المَاءُ مَنْ يَبْسُطُ إِلَيْهِ كَفَّيْهِ، وَيَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يَبْلُغَ فَاهُ فَالمَاءُ جَمَادٌ لا يُدْرِكُ بَسْطَ الكَفَّيْنِ، وَلا قَبْضَهُمَا، فَكَيْفَ يُجِيبُ دُعَاءَهُ؟ وَكَذَلِكَ أَصْنَامَهُمْ فَإِنَّهَا حِجَارَةٌ لا تُدْرِكُ دُعَاءَ مَنْ عَبَدُوهَا، وَلا تَفْهَمُهُ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّ مَنْ عَبَدُوهَا لا يَنْتَفِعُونَ مِنْهَا بِشَيءٍ فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الآخِرَةِ. وَمَا دُعَاءُ الكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ. لَهُ دَعْوَةُ الحَقِّ- للهِ الدَّعْوَةُ الحَقِّ وَهِيَ كَلِمَةُ التَّوْحِيدِ. .تفسير الآية رقم (15): {السماوات} {ظِلالُهُم} (15)- يُخْبِرُ اللهُ عَنْ عَظَمَةِ سُلْطَانِهِ الذِي خَضَعَ لَهُ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، فَيَسْجُدُ لَهُ المُؤْمِنُونَ طَوْعاً فِي الشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ، وَيَسْجُدُ لَهُ الكُفَّارُ كَرْهاً فِي حَالِ الشِّدَّةِ، وَتَسْجُدُ لَهُ ظِلالُ كُلِّ شَيءٍ لَهُ ظِلٌّ مِنَ المَخْلُوقَاتِ فِي أَوَائِلِ النَّهَارِ (الغُدُوِّ) وَفِي أَوَاخِرِهِ (الآصَالِ). للهِ يَسْجُدُ- لأَمْرِهِ تَعَالَى يَنْقَادُ وَيَخْضَعُ. ظِلالُهُمْ- تَنْقَادُ لأَمْرِهِ تَعَالَى وَتَخْضَعُ. الغَدَاةُ- أَوَّلُ النَّهَارِ (وَجَمْعُ الغَدَاةِ الغُدُوِّ). الآصَالِ- جَمْعُ أَصِيلٍ- آخِرِ النَّهَارِ.
|